جماليات اللغة العربية
لغتي الجمال وأنت صرح باذخ *** بك يعرف الإنسان والأوطان
أهواك فينطق الحروف فصيحة *** نبراتها في مسمعي ألحان
يعتــز باللغة الكريمة مؤمن *** وكتابه في حبها القــرآن
من ضيع الفصحى يضيع ذاته *** أم اللغات بها الشعوب تصان
اللغة العربية لغة ثرة إذ تحوي مفرداتها أكثر من مليون كلمة ،
ولكل مصدر فيها خمس عشرة كلمة مشتقة منه ،
فضلا عن المجازات التي تُعد في حد ذاتها وسيلة إغناء لها .
وهذا الاتساع والثروة اللغوية الهائلة تمكن الأديب العربي
من سبك عباراته في أحسن وقع لها وانسجام .
ولقد مرت العربية فى أطوار تخلصت خلالها من ثقل اللفظ ،
وهُذبت لتكون صالحة لنزول القرآن الكريم بها بأروع بيان
وأجمل إيقاع ، ولو نظرنا إلى العربية الأولى لرأيناها تجري
على شاكلة قولهم فيها:
" تي نفس مر القيس بن عمرو ملك العرب كله ، ذو أسر التج ،
وملك الأسدين ونزرو وملوكهم ، وهرب مذحجو عكدي في حبج
نجران مدينة شمر وملك معدو "
ومعناه : هذا قبر امرئ القيس بن عمرو ملك العرب كلهم الذي
عقد التاج وملك الأسدين وقبيلة نزار وملوكهم ، وهرب مذحجا
بالقوة ، وجاء بانتصار في مشارف نجران مدينة شمر وملك معدا " ..
وكان لسوق عكاظ واجتماع القبائل العربية فى مواسم الحج
أثرهما في تخلي العرب عن كثير من لهجاتهم ،
وتنقية لغتهم من ثقل اللهجات،
ثم نزل القرآن الكريم فوحد العرب على لغة
تخلت عن الشاذ والغريب ،
ووصف القرآن الكريم بأنه السهل الممتنع ،
فهو سهل يفهم ولكن لايقدر أحد على الإتيان بمثله
على الرغم من التحدي ..
فقد تحدّى الإنس والجنّ على أن يأتوا بمثله
في الفصاحة والبيان والبلاغة
ولهذا لما سأل معاوية بن أبي سفيان: من أفصح العرب ؟
قيل له:
" قوم ارتفعوا عن لخلخانية الفرات ،
وتيامنوا عن عنعنة تميم ،
وتياسروا عن كسكسة بكر ،
ليست لهم غمغمة قضاعة،
ولاطمطمانية حمير،
قال من هم ؟ قال: قريش ؟
قال ممن أنت ؟ قال من جرم .
فلغة قريش اختارت من الكلام العربي أبينه ، وراعت أرشقه ،
واعتمدت أصفاه ، وكانت عزلتها عن الشعوب الأعجمية
خير ميزة حفظت لها شخصيتها اللغوية ،
ولولا جمال العربية وسحرها
لما اختارها الله سبحانه لكتابه العزيز .
وقد قدم القرآن الكريم للعرب نماذج من القول لاتُبارى ،
هي فوق الشعر والنثر ،
حتى قال جوستاف جرونيباوم فى اللغة العربية :
(ليست منزلتها الروحية هي وحدها التي تسمو بها
على ما أودع الله في سائر اللغات من قوة وبيان ،
ومن يتبع جميع اللغات لايجد لغة تضاهى العربية
في جمال أصواتها وغنى مفرداتها .
** توضيح للمعاني أعلاه ..
اللخلخانية هي حذف بعض الحروف اللينة
مثل مشاء الله بدلا من ماشاء الله .
العنعنة هي إبدال الهمزة عينا
مثل إن تصير عِن
الكسكسة هي وضع سين بعد كاف الخطاب في المذكر دون المؤنث
مثل رأيتكَس ،
أما في المؤنثة فتوضع السين بدلا من الكاف
مثل أخوسٍ بدلا من أخوك
الغمغمة هي كلام مبهم لعدم تمييز الحروف وتوضيحها
الطمطمانية هي إبدال ال التعريف همزة وميما
كقول الرسول صلى الله عليه وسلم يجيب وفدا من اليمن
" ليس من امبر امصيام في امسفر " .
أى: ليس من البر الصيام فى السفر
وهناك لهجات أخرى مثل
التلتلة وهي كسر حرف المضارعة ،
والشنشنة وهي وضع الشين بدلا من الكاف
مثل " لبيش اللهم لبيش " ،
أى : لبيك اللهم لبك
والعجعجة وهي جعل الياء جيما
مثل تميمج بدلا من تميمي ،
والفحفحة وهي جعل الحاء عينا
مثل عتى عين بدلا من حتى حين ،
وهذه اللهجات كلها نأى عنها القرآن الكريم .
نتابع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق