الأحد، 28 ديسمبر 2014

لغتنا الجميلة ج9










اليوم العالمى للغة العربية

إن اللغة هي الرابط الوحيد بين الألباب،
فلا توجد معرفة بلا لغة، ولا توجد ثقافة بلا لغة،
ولا توجد هوية بلا لغة، ولا يوجد موروث إنساني بلا لغة،
ولا يوجد تاريخ بلا لغة، فاللغة هي الوعاء الذي يستوعب كل ذلك،
واللغة هي الأساس الثقافي للأمم، وهي اللسان الفكري الذي يعبر به
الإنسان عن أفكاره، وآماله وطموحاته،
ولهذا فإن العلاقة وطيدة جداً بين اللغة والفكر.


يقول الدكتور عايض القرني:
اللغة العربية أكثر لغات الأرض مفردات وتراكيب،
وهي لغة العلم والفن والعقل والروح والصوت والصورة.

ويُحتفل باللغة العربية في 18 ديسمبر من كل سنة.
وتَقرر الاحتفال باللغة العربية في هذا التاريخ لكونه اليوم الذي أصدرت فيه
الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 3190،
والذي يقر بموجبه إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية
ولغات العمل في الأمم المتحدة
بعد اقتراح قدمته المملكة العربية السعودية والمملكة المغربية
خلال انعقاد الدورة 190 للمجلس التنفيذي لمنظمة اليونسكو.


وإذا رجعنا إلى التاريخ نجد أنه
عند إنشاء الأمم المتحدة عام 1945م
كانت اللغات الرسمية التي اعتمدتها منظمة الأمم المتحدة
خمس لغات حية لتكون هي اللغات الرسمية للمنظمة الدولية،
وهي: الإسبانية والإنجليزية والروسية والصينية والفرنسية،
وتمثل جسراً للتواصل بين جميع دول العالم،
وتتجلّى مهمتها في توثيق المحاضر الرسمية وأوراق العمل أثناء الاجتماعات،
وفي الترجمة الحية المباشرة أثناء المؤتمرات، تحدثاً وكتابة،
ثم دخلت اللغة العربية محافل الأمم المتحدة عام 1973م
فأصبحت منذ ذلك الحين لغة رسمية سادسة
تتحدث بها الوفود العربية وتصدر بها وثائق الأمم المتحدة،
وقد أصبحت اللغة العربية لغة رسمية في الجمعية العامة للأمم المتحدة
والهيئات الفرعية التابعة لها في 18 كانون الأول/ ديسمبر 1973م،
وهذا التاريخ الذي تم اعتماده مؤخراً بجهود المجموعة العربية في المنظمة الدولية
ليصبح هو (اليوم العالمي للغة العربية)، حيث أقر المجلس التنفيذي لمنظمة الأمم
المتحدة للعلوم والتربية والثقافة (اليونسكو) هذا التاريخ يوماً عالمياً للغة العربية.





إنه فى يوم 18 ديسمبر سيكون العرب على موعد مع يوم عالمي
يحتفي فيه العالم كله باللغة العربية،
وهذا الاحتفاء بلغة العرب السامية
في يومها العالمي المخصص لها، مهم جداً،
فماذا يجب علينا أن نفعله من أجل لغة القرآن؟


يجب أن يحظى يوم اللغة العربية العالمي باهتمام عالمي (دولي وإقليمي)،
واهتمام المراكز الأكاديمية والبحثية في الجامعات،
والمعاهد العلمية والتكنولوجية التي تهتم باللغات،
ولهذا يجب أن تُكَرس جميع الجهود من أجل وضع برامج
تطويرية للغة العربية والبحث عن أفضل السبل التي تؤدي
لاستخدامها الاستخدام الأمثل في العالم.
وأن تُبذل كل الجهود وكل الطاقات لتطوير لغتنا العربية،
مع الحفاظ على هويتنا الثقافية والنظر إلى مستقبل العربية
الذي نراه مرهوناً بالوعي اللغوي وبأهمية إدراكنا انتماءنا للغتنا،
كما يجب العمل على تقدمها والوصول بها إلى أن تكون اللغة الأولى في العالم،
ولن يأتي ذلك إلا بتضافر الجهود العلمية والتربوية والإعلامية والإدارية، والفنية،
وكل المباحث التي من شأنها أن تصل للمتلقي في أي مكان في العالم.


فاللغة العربية من أقدم اللغات عمراًً، إن لم تكن أقدمها،
وبالنسبة للعرب والمسلمين هي لغة الإعجاز القرآني،
ولغة البيان النبوي، ولغة الضاد التي استوعبت شعرهم ونثرهم،
وهي اللغة الوحيدة من اللغات السامية الست الأساسية في منظمة الأمم المتحدة
التي تكتب من اليمين للشمال ومن الأعلى للأسفل.

ولغتنا العربية تزخر بكثير من المميزات عن لغات العالم،
فبإمكاننا كتابة جمل قصيرة أو خطب طويلة دون تنقيط،
وبإمكاننا كتابة أبيات شعر نقرأها من اليمين للشمال والعكس،
وبإمكاننا النحت والاشتقاق، وكثير من الطرائف الجميلة
والغرائب الأجمل التي تقدمها لنا في قوالبها.

وتأتي اللغة العربية حالياً في المرتبة الرابعة بعد الإنجليزية والفرنسية والإسبانية
من حيث ترتيب اللغات في الكرة الأرضية،
فهي من أكثر اللغات انتشاراً في العالم،
ويتحدث بها ملايين البشر كلغة ثانية تختلف كثيراً عن اللهجات
التي تتحدث بها الدول العربية في الأصل،
ويعزز وجود اللغة العربية في الكرة الأرضية أنها لغة الدين الإسلامي
الذي يدخله كل يوم أفواج من البشر في كل بلاد الدنيا،
ألا تستحق لغة عظيمة نزل بها القرآن العظيم أن تكون الأولى عالمياً؟







ميثاق اللغة العربية


ميثاقُ "عام اللُّغة العربيّة"
أَتَعهّدُ أَن أَصُونَ لُغَتي العربيَّةَ الأَصيلةَ،
وأُتقنَ تعلُّمَها وأُحسِنَ النُّطقَ بها،
وأَعمَلَ على نشرِها.
أُدركُ بثقةٍ كاملةٍ أنّني حينَ أَصونُ لُغتي العربيّةَ،
إنما أَصُونُ تُراثي وكَياني القَوميّ والعِلميّ والثقافيّ.
يُعزُّني أن أُفاخرَ بالعربيّةِ بينَ لُغاتِ الأَرضِ،
ويُكرّمُني أن أقفَ حافظًا لتاريخِها،
ومتذوّقًا لبيانِها ومَعانيها.
لُغتَي هُويّتي وقَوامُ أُمَّتي،
هي لغةُ العلمِ والفنِّ ولغةُ العَقلِ والرُّوحِ.
وَهي باقيةٌ إلى أبدِ ..












لغتنا الجميلة ج8









ماذا تقول عروس اللغات عندما تتحدث عن حسنها؟؟


حقاً إنها عروس الزمان، وحسناء الأوان.
كالزنبقة بين النبات، وكالفردوس في الجنات،
إذا طالعتها نهاراً فهي الشمس، أوليلاً فهي البدر،
إذا أحببتها أحبتك جميع العلوم، وإن تركتها فأنت الملوم!



سألتها إحدى التلميذات فقالت:
من أنت أيها العروس؟
- أنا لغة «الضاد»، وفصاحة الأجداد،
وأم الألسنة، وسيدة الأزمنة.


ولماذا أنت لغة «الضاد»؟
- لأنه الحرف الوحيد الذي لا يوجد في غيري من اللغات،
ولا تحتويه اللهجات.


من أجل هذا فقط تزعمين أنك عروس؟
- لايا بنية، إنني أزدان بكثير من الصفات والشمائل،
وأنفرد عن غيري من اللغات بالفضائل.


ما أجملك وما أبلغك!
ولكن هل لي أن أسألك سؤالاً محرجاً؟

- تفضلي.

كم عمرك؟!
- عمري بدايته قديمة وآماده مستديمة؛
فأنا الأسماء التي تعلمها أبوك «آدم»، ورتلها جدك «يعرب»،
وكتبها نبي الله «إسماعيل»، وحفظها «منزل القرآن الكريم».

ما أطول هذا العمر أليس كذلك؟
- بلى ولكن بلا شيخوخة، بلاعُقم؛
فأنا صالحة لكل زمان ومكان،
ولم لا؟ فأنا لغة القرآن.


وســعت كتاب اللـه لفظــاً وغـايـة
ومـا ضـقت عن آي به وعـظات
أناالبحر في أحشائه الـدر كـامنٌ
فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي؟




هل لديك مقاييس للجمال كملكات الجمال؟
- نعم فمقاييس الجمال عندي كثيرة أبرزها ثلاثة؟
التناظم والتناسق والتناظر.


ألا توضحين هذه المقاييس؟
- بلى،
فالتناظم يعني توازن كل عضو ولفظ مع مجاوره،
فلا تناكر ولا تخالف، ومنه قولهم:
لها أيطلا ظبي وساقا نعامة
وإرخاء سرحان وتقريب تتفل


هذا التناظم يا عروس فما التناسق؟
- التناسق هو تقارب الأعضاء والألفاظ إضافة وحجماً،
فلا شقاق ولا فراق، ومنه قولهم:
في حزم عمرو في سماحة حاتم
في حلم أحنف في ذكاء إياس
- أما التناظر فهو :
تباين الأعضاء والألفاظ شكلاً ولوناً
وطولاً وقصراً فيبدو الجمال، ويظهر الكمال،
ومنه قولهم:
الوجه مـثل الصبح مبيــض
والشـعر مثــل الليـل مسود
ضدان لما استجمعا حسناً
والضد يظهر حسنه الضد

الله أيتها العروس، ولكن..
- على رسلك يا بنيتي فالحديث ذو شجون، وكلي فنون،
فعليك بالصبر الجميل، وعليَّ ألا أطيل،
وحسبك أن تعلمي أنني الوحيدة في لغات العالم
أتمتع بضمير «مستتر» مع أن ضمير غيري «مستطر»!




وماذا أيضاً؟
- أمتاز بكثرة الأضداد والأنداد مثل:
«ولد - زوج - صريم- توأم» وغيرها.
- كذلك قراءة بعض كلماتي يميناً ويساراً
مثل «خوخ» و«كبري ربك».
وقولهم:
مــــودته تـــدوم لكــــل هــول
وهــــل كــــلّ مــــودتــه تدوم؟


ألا يوجد مثل هذه الخصائص في اللغات الأخرى؟
- كلا.
ويوجد لديّ الكثير،
ولكن وعدتك بألا أطيل!


حقاً إنك ملكة جمال لغات العالم؟
- ذكرتني يا تلميذتي الصغيرة بالجمال ومقاييس الجمال.

كيف؟
- حروف أبجديتي متماثلة بلا تخالف،
وأبجدية غيري متباينة بلا تآلف،
مما سهل حفظي وكتابتي، وحسن رسمي وقراءتي.



أريد دليلاً عملياً وليس كلاماً نظرياً؟
- انظري يا بنيتي إلى الـ «الباء» وأخواتها،
وإلى الـ «الحاء» ومثيلاتها
وإلى الراء والزاي، والدال والذال،
والسين والشين،والصاد والضاد،
والطاء والظاء، والعين والغين
والفاء والقاف، فهذه عشرون.


والباقي؟
- «يأكلونهم»

عجباً لك أيتها العروس: وهل لديك مميزات أخرى؟
- الكثير يا تلميذتي الصغيرة:
وصفي يتبع موصوفي، وعند غيري عكس ذلك،
ومثناي كلمة واحدة ومثنى غيري كلمتان،
فأي نسبة بين «تو-جيرل» و«بنتان»؟
(على لغة من ألزم المثنى الألف).


على ماذا؟
- ما عليك مما أقول؛ فهذا أمر شرحه يطول.

كلي آذان صاغية فهل تذكرين مميزاتك الباقية؟
- كما تشائين وتحبين.
- حروفي منقوطة و..


مهلاً يا عروس، ولماذا كانت حروفك منقوطة؟
- عجباً لك يا صغيرة: لو لم تكن كذلك
فكيف تفرقين بين الحمل والجمل؟
- حروفي منقوطة، وكلماتي مضبوطة و...

ولماذا الضبط يا عروس؟
ومعذرة على المقاطعة، وعدم المتابعة.

- لا تعتذري واعتبري،
فالضبط مطلوب، والشكل محبوب
حتى لا يصبح السيَّد السيِّد، ولا الحِمام الحَمام!!
وذلك إذا اتحد الرسم، وتساوى الجسم.




الله، ما أبلغك !
نعم نعم.. إيه يا عروس.

- لي علامات ترقيم، بها يفهم المعنى ويتم التعليم.

تقصدين النقطة أو النقطتين،
والفاصلة والشرطتين والتنصيص والقوسين؟.

- نعم.

لكن أي فرق بين النقطة والنقطتين والتنصيص والقوسين مثلاً؟
- يا صغيرتي: لكل واحدة حكاية ولوضعها رواية؛
فالنقطة توضع إذا تم الكلام واكتمل التعبير،
أما النقطتان فتوضعان إذا احتاج الكلام إلى التفصيل والتفسير.

والتنصيص والقوسان؟
- التنصيص: هلالان صغيران حول المنقول بالنص والاقتباس،
أما القوسان فحول الاعتراض والالتباس.




أمرك غريب وسرك عجيب فهل لديك ماهو أغرب وأعجب؟
- نعم تماسكت خيوطي، وتنوعت خطوطي،
فجمال خطي دليل على حسن الأذواق،
وهو مفتاح للأرزاق،
ولكن إياك يا صغيرتي من كتابتي على جدران المنازل
والأسواق، لأن ذلك مما ينافي الآداب والأخلاق.


أبشري، وماذاأيضاً؟
- جرس نثري كموسيقى شعري.

كيف؟
- ألم يكفك كلامي المسجوع وقولي المصنوع؟!
ولكن من باب الإفادة والاستزادة رتلي هذه الآية
وسوف تدركين المزيد والمفيد:
{وقرآناً فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلاً}.


وماذا عن «نحت» كلماتك وكثرة اشتقاقاتك؟
- يا بنيتي لو لم تكن لي هذه الخصائص لماسمعت عن
«الحيعلة»، «والحوقلة»، «والبسملة»، «والحمدلة»
ولولاها لما استطعت تعريب المصطلحات ولا تسمية
«المخترعات» كالحاسوب والمذياع والهاتف والتلفاز!


طال الحديث يا عروس، فهل بقي لديك علم محبوس؟
- كثير وكثير ولكن حسبك أن صوري بيانية،
وتراكيبي معنوية، ومفرداتي بديعة!
- حروفي الأبجدية نصفها ظلماني، ونصفها نوراني!!
عددها بلغ ثمانية وعشرين،
ومجموع عددها ستة آلاف إلا خمسين!!
ويكفيني فخراً أن مفرداتي جاوزت الستة ملايين!!
وبقواعدي يقاس الفهم والذكاء ومدى الاستيعاب والصفاء!!



وهل أكلوك -كما قرأنا- البراغيث ياعروس؟
- أضحكتني أضحك الله سنك يا صغيرتي،
ولكن كيف أكلتني وقد ضاقت عني جميع القواميس؟


صدقت فماأجملك وما أكملك، وما أعزك وما أخلدك!!
وأنت فعلاً يا سيدتي عروس الزمان، وحسناءالأوان.
- بارك الله فيك يا تلميذتي النجيبة،
وأنت ما أوعاك وما أوفاك

















نتابع



لغتنا الجميلة ج7









وتتلخص جماليات اللغة العربية فى :

- لكلّ حرف فيها مخرجُه وصوتُه الخاص به.
- سعة مفرداتها وتراكيبها.
- سعتها في التعبير.
- قدرتها على التّعريب، واحتواء الألفاظ
من اللّغات الأخرى بشروط دقيقة.
- فيها خاصية التّرادف، والأضداد، والمشتركات اللفظية.
- غزارة صيغها وكثرة أوزانها.
- ظاهرة المحسّنات البديعيّة مثل المجاز، والطِّباق،
والجناس، والمقابلة والسجع، والتشبيه.
- فنون اللفظ كالبلاغة والفصاحة وما فيها من محسِّنات.



ومما ذكره الإمام السيوطى عن جماليات اللغة العربية :
1- كثرة المفردات والاتساع في الاستعارة والتمثيل.
2- التعويض: وهو إقامة الكلمة مقام الكلمة.
3- فكّ الإدغام, وتخفيف الكلمة بالحذف, نحو: لم يكُ.
4- تركهم الجمع بين الساكنين,
وقد يجتمع في لغة العجم ثلاثة سواكن.
5- وللعرب ما ليس لغيرهم,
فهم يفرقون بالحركات وغيرها بين المعاني.
[انظر المزهر للسيوطي 1/321 وما بعدها].



**
ومن خصائص اللغة العربية
دلالة بعض الحروف على المعاني
,
قال الإمام ابن جنّي:
وذلك أنهم قد يُضيفون إلى اختيار الحروف وتشبيه أصواتها
بالأحداث المعبّر عنها بها ترتيبها, وتقديم ما يضاهي آخره,
وتوسيط ما يضاهي أوسطه, سَوْقاً للحرف
على سَمْت المعنى المقصود والغرض المطلوب.

فحرف (التاء) إذا جاء ثاني الكلمة دلّ على القطع:
بتّ الحبل. بتر العضو..

وحرف (الغين) في أول الكلمة يدلّ على الاستتار والظلمة والخفاء:
غابت الشمس, غاص الماء, غطس السبّاح...إلخ.

وحرف (النون) في أول الكلمة يدل على الظهور والبروز:
نفث, نفخ, نبت...إلخ
[الخصائص لابن جنّي 2/163]




** ومن خصائص اللغة العربية سهولة تعلمها,
قال العالم الفرنسي مارسي:
"من السهل جداً تعلُّم أصول اللغة العربية,
فقواعدها التي تظهر معقدة لأول نظرةٍ
هي قياسية ومضبوطة بشكل عجيب لا يكاد يُصدق,
فذو الذهن المتوسط يستطيع تحصيلها
بأشهرٍ قليلةٍ وبجهدٍ معتدل".اهـ
[مجلة مجمع اللغة العربية, المجلد44, ج1, ص46]





قال العلامة محمد بهجة الأثري في اللغة العربية :

مُخلَّدَة الشباب على الليالي *** فلا يدنو مشيبٌ من حماها
يَشيخُ الدهر حالاً بعد حال *** وما تنفكُّ تزهو في صباها
عجبت لها , ومنبَتُها الصحارى *** تُغَذِّي إِرْبةَ الدنيا لغاها
حباها بارئُ الأصوات أحلى *** وأعذبَ ما يَرِفُّ به صداها
مُنَغَّمةٌ كأنّ لها رباطاً *** مع الإيقاع توقِعُه خطاها
هي الفصحى لنا وزْرٌ وحقٌ *** علينا برها ومنى رضاها
نغذيها بأنفسنا ونحمي *** قداستها , ونرمي من رماها














نتابع


لغتنا الجميلة ج6







جماليات اللغة العربية





لغتي الجمال وأنت صرح باذخ *** بك يعرف الإنسان والأوطان
أهواك فينطق الحروف فصيحة *** نبراتها في مسمعي ألحان
يعتــز باللغة الكريمة مؤمن *** وكتابه في حبها القــرآن
من ضيع الفصحى يضيع ذاته *** أم اللغات بها الشعوب تصان



اللغة العربية لغة ثرة إذ تحوي مفرداتها أكثر من مليون كلمة ،
ولكل مصدر فيها خمس عشرة كلمة مشتقة منه ،
فضلا عن المجازات التي تُعد في حد ذاتها وسيلة إغناء لها
.
وهذا الاتساع والثروة اللغوية الهائلة تمكن الأديب العربي
من سبك عباراته في أحسن وقع لها وانسجام
.



ولقد مرت العربية فى أطوار تخلصت خلالها من ثقل اللفظ ،
وهُذبت لتكون صالحة لنزول القرآن الكريم بها بأروع بيان
وأجمل إيقاع ، ولو نظرنا إلى العربية الأولى لرأيناها تجري
على شاكلة قولهم فيها
:

" تي نفس مر القيس بن عمرو ملك العرب كله ، ذو أسر التج ،
وملك
الأسدين ونزرو وملوكهم ، وهرب مذحجو عكدي في حبج
نجران مدينة شمر وملك معدو
"

ومعناه : هذا قبر امرئ القيس بن عمرو ملك العرب كلهم الذي
عقد التاج وملك
الأسدين وقبيلة نزار وملوكهم ، وهرب مذحجا
بالقوة ، وجاء بانتصار في مشارف نجران
مدينة شمر وملك معدا " ..



وكان لسوق عكاظ واجتماع القبائل العربية فى مواسم الحج
أثرهما في تخلي العرب عن كثير من لهجاتهم ،
وتنقية لغتهم من ثقل اللهجات،
ثم نزل القرآن الكريم فوحد العرب على لغة
تخلت عن الشاذ والغريب ،
ووصف القرآن الكريم بأنه السهل الممتنع ،
فهو سهل يفهم ولكن لايقدر أحد على الإتيان بمثله
على الرغم من التحدي ..
فقد تحدّى الإنس والجنّ على أن يأتوا بمثله
في الفصاحة والبيان والبلاغة




ولهذا لما سأل معاوية بن أبي سفيان: من أفصح العرب ؟
قيل
له:
"
قوم ارتفعوا عن لخلخانية الفرات ،
وتيامنوا عن
عنعنة تميم ،
وتياسروا عن
كسكسة بكر ،
ليست لهم
غمغمة قضاعة،
ولا
طمطمانية حمير،
قال من هم ؟ قال
: قريش ؟
قال ممن أنت ؟ قال من جرم
.



فلغة قريش اختارت من الكلام العربي أبينه ، وراعت أرشقه ،
واعتمدت أصفاه ، وكانت عزلتها عن الشعوب الأعجمية
خير ميزة حفظت لها شخصيتها اللغوية ،
ولولا جمال العربية وسحرها
لما اختارها الله سبحانه لكتابه العزيز
.



وقد قدم القرآن الكريم للعرب نماذج من القول لاتُبارى ،
هي فوق الشعر والنثر ،
حتى قال جوستاف جرونيباوم فى اللغة العربية :

(ليست منزلتها الروحية هي وحدها التي تسمو بها
على ما أودع الله في سائر اللغات من قوة وبيان ،
ومن يتبع جميع اللغات
لايجد لغة تضاهى العربية
في جمال أصواتها وغنى مفرداتها
.



**
توضيح للمعاني أعلاه ..



اللخلخانية هي حذف بعض الحروف اللينة
مثل مشاء الله بدلا من
ماشاء الله .

العنعنة هي إبدال الهمزة عينا
مثل
إن تصير عِن

الكسكسة هي وضع سين بعد كاف الخطاب في المذكر دون المؤنث
مثل رأيتكَس ،
أما في المؤنثة فتوضع السين بدلا من الكاف
مثل
أخوسٍ بدلا من أخوك

الغمغمة هي كلام مبهم لعدم تمييز الحروف وتوضيحها

الطمطمانية هي إبدال ال التعريف همزة وميما
كقول الرسول صلى الله عليه وسلم يجيب وفدا من اليمن
" ليس من
امبر امصيام في امسفر " .
أى: ليس من البر الصيام فى السفر



وهناك لهجات أخرى مثل


التلتلة وهي كسر حرف المضارعة ،

والشنشنة وهي وضع الشين بدلا من الكاف
مثل " لبيش اللهم لبيش " ،
أى : لبيك اللهم لبك
والعجعجة وهي جعل
الياء جيما
مثل تميمج بدلا من تميمي ،
والفحفحة وهي جعل الحاء عينا
مثل عتى عين
بدلا من حتى حين ،
وهذه اللهجات كلها نأى عنها القرآن الكريم
.















نتابع